أَنْ يِا مَلأَ الأَرْضِ فَاصْبِرُوا فِي اللهِ وَلا تَحْزَنُوا عَمَّا يَرِدُ عَلَيْكُمْ فِي أَيَّامِ الرُّوحِ …… وَقَدْ خَلَقَ اللهُ جَنَّةً فِي رَفَارِفِ الْبَقَآءِ وَسَمَّاهَا بِالصَّبْرِ إِلَى يَوْمَئِذٍ كَانَتْ اسْمُهَا فِي كَنَائِزِ العِصْمَةِ مَخْزُونًا، وَفِيهِ قُدِّرَ مَا لا قُدِّرَ فِي كُلِّ الْجِنَانِ …..، وَفِيهِ أنْهَارٌ مِنْ ظُلْمِ عِنَايَةِ اللهِ وَحَرَّمَهَا اللهُ إِلاَّ عِنِ الَّذِينَ هُمْ صَبَرُوا فِي الشَّدَائِدِ …. وَمَا خَافُوا مِنْ أَحَدٍ وَكَانُوا بِجَنَاحَيْنِ الْعِزَّ فِي هَوَآءِ الصَّبْرِ مَطْيُورًا، وَصَبَرُوا فِي الْبَلايَا وَكُلَّمَا ازْدَادَ الضَّرَّآءُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ زَادُوا فِي حُبِّهِمْ مَوْلاهُمْ ….إِلَى أَنْ فَدَوْا أَنْفُسَهُمْ وَبَذَلُوا أَمْوالَهُمْ وَأَنْفَقُوا كُلَّمَا أَعْطَاهُمُ اللهُ بِفَضْلِهِ وَجُودِهِ، وَفِي جَمِيعِ تِلْكَ الحَالاتِ الشَّدِيدَةِ كَانُوا شَاكِرًا رَبَّهُمْ وَمَا تَوَسَّلُوا إِلَى أَحَدٍ وَكَتَبَ اللهُ أَسْمَائَهُمْ مِنَ الصَّابِرِينَ فِي أَلْواحِ قُدْسٍ مَحْتُومًا، فَهَنِيئًا لِمَنْ تَرَدَّى بِرِدَآءِ الصَّبْرِ وَالاصْطِبارِ وَمَا تَغَيَّرَ مِنَ الْبَأْسَآءِ وَمَا زَلَّتْ قَدَمَاهُ عِنْدَ هُبُوبِ أَرْيَاحِ القَهْرِ وَكَانَ مِنْ رَبِّهِ فِي كُلِّ حِينٍ رَاضِيًا وَفِي كُلِّ آنٍ مُتَوَكِّلاً، فَوَاللهِ سَوْفَ يُظْهِرُهُ اللهُ فِي قِبَابِ الْعَظَمَةِ بِقَمِيصِ الدُّرِّيِّ …. وَعَلَى فَوْقِ رَأْسِهِ يُنَادِي مُنَادِي اللهِ هذَا لَهُوَ الَّذِي صَبَرَ فِي اللهِ فِي الحَيَوةِ البَاطِلَةِ عَنْ كُلِّ مَا فَعَلُوا بِهِ المُشْرِكُونَ وَيَتَبَرَّكَ بِهِ أَهْلُ مَلإِ الأَعْلَى وَيَشْتَاقُ لِقَائَهُ أَهْلُ الغُرُفاتِ وَأَعْيُنُ القَاصِرُاتِ فِي سُرَادِقِ قُدْسٍ جَمِيلاً ….. ثُمَّ اعْلَمُوا بِأَنْ قُدِّرَ لِكُلِّ الْحَسَنَاتِ فِي الْكِتَابِ جَزَآءً مَحْدُودًا إِلاَّ الصَّبْرَ.